• في البدء .. أنا
  • حديث بيننا..
  • وحدثوا عني ..
  • قلته على ورق ..
  • كلام الصورة

  • عدد التعليقات:18 | 2,295 قراءة للموضوع | فضاء: مقالات | Print This Post |

    ( خبراء ) الإرهاب : ( أجندات ) خاصة ..!

    الكاتب: - يوم: 3 December, 2008

     مدخل  :
    شاهدت عددا من المشاهد ، لحلقات مختلفة من فلم : ” دعاة على ابواب حهنم ” . خرجت بعدها بقناعة أنه عمل ( استخباراتي ) بامتياز . كان هذا هو الانطباع  الذي خرجت به ، من خلال متابعتي لطريقة المعالجة ، و(الرســائل ) التي حاول كاتب السيناريو ان يوصلها . الاستخبارات تستطيع ان تسجن وان تعذب ، وتنتزع اعترافات كاذبة .. وان تقتل ، لكنها لاتستطيع ان تقدم حلا ( فكريا ) لمشكلة جذورها فكرية .. ناهيك ان تنجح في معالجة درامية ، لواحدة من اكثر القضايا تداخلا وتعقيدا .. وهي الارهاب المبني على أسس عقدية . ستبقى المشكلة قائمة .. مادام حلها يسند الى متطرفين ، وانتهازيين يتاجرون بالجراح ، ويصعدون على الاشلاء . قد ينجح فلم دعاة على ابواب جهنم في ان يصنع ( صورة ذهنية ) للمتدينيين .. مشوهة ، وغير حقيقية ، يصدقها .. ربما ، صغار المخبرين ، لكنه لن يحل المشكلة ، ولن يصدق ( عاقل ).. مثلا ، أن فردا يمكن يتحو�� الى (ارهابي) ، لمجرد انه درس في جامعة الامام محمد بن سعود ، وهو ما حاول الفلم ان يفعله ، بعرض مشهد للجامعة .

    القول بالطبيعة الاستخباراتية للفلم ، بقي ظنــا شخصيا ، حتى التقيت بأحد الاشخاص ، الذي ذكر لي انه كان سيشارك في الفلم .. لكنه انسحب . حين سألته لماذا انسحب ، وكنت اظن ذلك لأسباب مالية اوفنية ؟ قال : هناك دعم وتمويل استخباراتي للفلم ، وانا رغم قناعتي بالفكرة بشكل عام ، واعتراضي على بعض التفاصيل ، إلا انني لا أريد ان ارتبط بعمل له صلة بجهات استخباراتية ! أثارت اجابته فضولي ، فتساءلت مرة ثانية كيف ؟ قال : تلقى الفلم دعما ماليا ولوجستيا .. غير محدود ، من اجهزة استخباراتية ، لتغطية ميزانيته الكبيرة ، ولتيسير تنقل افراده ، بين اماكن التصوير ، بما في ذلك في اوروبا . لولا التنسيق الاستخباراتي ، ما كان بالامكان التصوير في لندن مثلا ..!

    ثم اضاف : تعرف الاستخبارات الاردنية و( نزاهتها ) .. بل ماذا تتوقع منها ؟! المخابرات الاردنية ، هي التي زودت القائمين على الفلم بالديناميت ، الذي استخدم في اعمال التفجير في الفلم ، وتولى ضباط منها تدريب الممثلين ، على استخدامها في الفلم . اكثر من جهة استخباراتية كان لها علاقة .. خاصة في الصحراء المتاخمة للعراق ، التي يقال ان المجاهدين يتسسللون منها الى العراق .

    بدايـــة  :

    لأن الشيء بالشيء يذكر، المدخل اعلاه .. مقدمة، وضعتها لمقال  كان يفترض أن يصبح جزءا من تحقيق لصحيفة (الوطن) ، طلب مني المشاركة فيه قبل مدة ، بعد ان نشر ( بيت الحرية ) الأمريكي، تقريرا يتهم فيه المناهج السعودية ، بنشر ( ثقافة الكراهية ) والتحريض على الارهاب .. وســايرهم في ذلك ، بعض الكتاب و( المثقفين ) السعوديين ، في صحفنا المحلية ، وفي بعض الفضائيات ..!!

    المقال :

    في مطلع الستينات من القرن الماضي ، أخرج ( ألبرت باندورا ) ، عالم النفس الأمريكي ، في جامعة ستانفورد ، نظريته الشهيرة   ( Social Learning Theory ) .. نظرية التعلم الاجتماعي . تقوم نظرية باندورا ، في أحد جوانبها ، على فرضية :

    ” أن وسائل الإعلام ، بوصفها مصدراً للمعلومات ، تعلم العنف ” .

    باندورا أحضر عدداً من طلبة المدارس ، من الجنسين ، لهم نفـــــس الخصائص العمرية والاجتماعية ، وقسمهم إلى مجموعتين : مجموعة ضابطة ، ومجموعة اختبار . أخضع باندورا المجموعتين ، لدراسة تجريبية ( Experimental Study ) ، لقياس تأثير الرسائل الإعلامية ، التي تحتوي على درجات متفاوتة من ( العنف ) .. على سلوك المتلقي .

    اعتمد باندورا في تجربته ، على تعريض أفراد ( مجموعة الاختبار ) .. لفترة من الوقت ، وبشكل منفصل ، لشريط فيديو ( مصدر معلومات ) ، يحتوي على مشاهد عنف جسدي ولفظي ، يمارسها فرد ضد ( دمية ) ، على هيئة إنسان. قام بعد ذلك ، بدمج أفراد المجموعتين في مكان واحد .. بعد استبعاد مصدر المعلومات (شريط الفديو) ، ووضع عندهم ( دمية ) شبيهة بتلك الموجودة في الشريط . بعد ذلك .. مـــــارس ضد أفراد المجموعتين ، ( استفزازاً ) من نوع معين ، بهدف استثارة السلوك العنيف لديهم . لاحظ باندورا أن بعض الأشخاص ، الذين تعرضوا لمشاهد العنف ، في شريط التجربة ، عبروا عن استيائهم ، من الاستفزاز الذي وقع ضدهم .. بممارسة سلوكيات عنيفة ، تجاه الدمية ، المشابهة للتي رأوها في الشريط . توصل باندورا إلى نتيجة ، وضع على أساسها نظريته : ( نظرية التَعَلّم الاجتماعي ) ، التي أصبحت مرجعاً ، لكل الدارسين لتأثير ( مصادر المعلومات )، خصوصا وسائل الإعلام.. بمختلف أنواعها ، على الجمهور . تتلخص النتيجة، التي وضع باندورا نظريته على أساسها :

    ” مصادر المعلومات ، بما فيها ( وسائل الإعلام ) .. ويدخل في ذلك أيضا ( مناهج التعليم ) ، يمكن أن تؤثر في سلوك المتلقي ، وتدفعه للعنف ، ضمن شروط أهمها :

    1. أن يكـــون الفرد نفسه ، لديه الاستعداد الشخصي .. ( نفسياً واجتماعياً ) ، لممارسة العنف .

    2. أن يتم ( استفزاز ) الفرد .. حسياً أو نفسياً ، بما يدفعه لارتكاب سلوك عنيف .

    3. أن تتهيأ له بيئة اجتماعية وظروف سياسية ، تشجعه على ممارسة العنف .

    باندورا لاحظ كذلك .. أن المحاكاة من خلال القدوة ، سبب آخر لممارسة العنف ، حتى لو لم يتعرض الفرد مباشرة ، لمصدر معلومات ( يحرض ) على العنف . بعض أفراد المجموعة ( الضابطة ) .. في تلك التجربة ، الذين لم يتعرضوا لمشاهد العنف ومضامينها ، تأثروا بسلوك زملائهم ، ممن تعرضوا لمصدر المعلومات ( شريط الفيديو ) ، الذي يحوي مشاهد عنف .

    أحداث سبتمبر ، التي يقال أن عدداً من الشباب السعودي ، قد شاركوا فيها ، وضعت المملكة ، بنسقها الثقافي ، ومناهج التعليم فيها ، تحت أضواء ( التجريم ) ..! هناك دعوى ، أن ثقافة المجتمع السعودي ، ومناهجه التعليمية ، تحتوي على ( جرعة ) زائدة من المـــادة الدينية ، المحرضة على كـــــراهية الآخر . هذا الافتراض يدحضه الواقع .. والتجربة . هناك مـــــــــــــلايين الطلاب والطــــــالبات في المملكة ، تربوا على تلك الثقافة ، وتعلموا في تلك المناهج ، ولم يتــحولوا إلى ( إرهابيين ) . ثمة فروق فردية ، وعوامل نفسية واجتماعية ، يتم تجاهلها عمداً .. لتمرير ( أجندات ) خفية .

    ( أنظر نظرية باندورا .. الشرط الأول ) .

    أمر آخر .. أنه حدثت بعد أحداث سبتمبر ، التي وقعت في نيويورك وواشنطن ، إعتداءات ، في مناطق اسلامية أخرى .. لا تقل عنفاً ، عن تلك التي حصلت في المملكة ، مثل الذي حدث في الدار البيضاء في المغرب ، وفي بالي في اندونيسيا ، من قبل أفراد .. ليسوا فقط ، لم ( ي��روا ) على مناهج التعليم في المملكة ، بل ربما ثقافتهم الدينية محــــــــــدودة .. وهو ما يسقط الـــــــزعم ، أن ( ثقافتنا ) تدعو للكراهية ، وديننا يحرض على العنف ، ومناهجنا تؤسس للإرهاب .

    مسألة أخرى مهمة .. أن العنف والإرهاب ، الذي لم تشهد البشرية في تاريخها الطويل .. مثله ، في البــشــاعة ، والتوحش ، والهمجية ، والحط من إنسانية الإنسان ، ذلك الذي يحدث في سجون الاحتلال الأمريكي .. في أبو غريب ، أو معتقل غوانتانامو.  هذا ( الإرهاب ) .. لم يتم البحث في جذوره الثقافية ، و( مناهج التعليم ) ، التي أنتجته ..!

    سيكون من الصعب ، إقناع إنسان عاقل ، أن الثقافة ومناهج التعليم في المملكة ، مسؤولة عن العنف والارهاب ، بسبب سلوك عنيف لعدد من السعوديين . كما سيكون من الصعب ، إقناع إنسان حر شريف .. موضوعي ، أن السياسة الأمريكية ، تجلب الحرية والديمـــــــــوقراطية ، وأن ما يحدث في ( سجونها ) ، هو أحداث عارضة ، وليس نتاج ثقافة عنيفة ، عنصرية ، متوحشة .. ومتطرفة .

    إن إتهام ثقافتنا ، والمناهج التعليمية لدينا ، وتحميلها المسؤولية عن العنف والإرهاب ، تسطيح لقضية كبيرة ، واستخفاف بعقول الناس . كما أن القول بأن ( النص الديني ) ، والخطاب الديني بشكل عام ، ينتج العنف ويحـــرض على الإرهاب .. بمعزل عن طبائع الأشخاص ، وفروقاتهم الفردية ، ومعطيات بيئتهم الاجتماعية والاقتصادية ، والظروف السياسية ، التي تحيط بهم.. هو قول لا يصمد أمام النقد الموضوعي .

    يبقى أن الذين يحملون ( أجــــندات ) خــــاصة ، سيــــقولون : لا .. لكل ما سبـــق .

    * هذا الموضوع ، كان جزءاً من تحقيق صحفي ، عن علاقة المناهج بالإرهاب ، طلب مني المشاركة فيه ، لكن بعد الإطلاع عليه ، رفضوا نشره .

    عدد التعليقات:18 | 2,295 قراءة للموضوع | فضاء: مقالات | Print This Post |

    اترك أثــراً..